• ٥ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هلا فبراير.. غير

د. غنيمة حبيب كرم

هلا فبراير.. غير

فبراير عرس وطني، ذكرى الحبّ والانتماء والولاء يجدّدها أهل الكويت سنوياً في احتفالهم بالعيد الوطني وعيد التحرير في أجواء من البهجة والفرح. هي ذكرى عزيزة على قلب كلّ مَن يسكن أرضها، ومن خلالها نعبّر عن ولائنا لهذه الأرض الطيِّبة، ونذكرالأجيال المتلاحقة بالكفاح المشرف للآباء والأجداد وشهدائنا الأبرار، ونقف وقفة إجلال وتقدير لمن ضحوا بأرواحهم في سبيل نصرة الوطن وتحريره.

حافظ الشعب الكويتي على إبراز مظاهر البهجة احتفالاً بالأعياد الوطنية، وترتدي الكويت ثوب الفرح والسرور وتتزين بالإضاءات الجميلة الملونة، وترفع الأعلام في الشوارع وعلى المباني وترفرف في أيدي الصغار والكبار، فضلاً عن الألعاب النارية والمسيرات والعروض العسكرية تعبيراً عن الفرحة، فالوطن هو الدافع والمحرك لفرحة الجميع. ومع مرور الوقت تغيّرت بعض القيم والمفاهيم وتبدّلت فرحة التعبير لتتحوّل إلى سلوكيات غير حضارية، تفسد مظاهر الاحتفال ولا تعكس صورة الكويت الجميلة، ويرجع السبب في ذلك إلى عاملين:

الأوّل: عدم الوعي بالهدف الحقيقي من الاحتفالات الوطنية المتمثّل في تكريس مبدأ الوحدة الوطنية، وتعزيز مفهوم الولاء والانتماء للوطن، وتنمية الحسّ الوطني لدى المواطنين.

والثاني: أنّ بعض هذه الاحتفالات غير موجهة، حيث تنطلق المسيرات من دون تنظيم وبطريقة عفوية ما أدّى إلى ظهور آثار سلبية مصاحبة للاحتفالات الوطنية، من أهمها الازدحام المروري، والتصرّفات غير اللائقة من بعض الشباب الطائشين، وتقاذف وهدر المياه، ناهيك بالمشهد العام لشارع الخليج العربي ما بعد نهاية الاحتفالات من صُور النفايات.

وحتى تظل هذه المناسبة سعيدة، لابدّ من إعادة هندسة هذه الاحتفالات والبحث عن أساليب أُخرى للتعبيرعن الفرح بحسّ وطني، وذلك بالتنسيق والتعاون بين جميع أفراد المجتمع ومؤسّسات الدولة والمجتمع المدني.

فالدور الأكبر هنا يقع على عاتق الأُسرة ويكون بأن نعلّم أبناءنا ونغرس في نفوسهم هذا الحبّ والانتماء إلى الأرض، واحترام القيم الوطنية، وتوجيهم للمشاركة الإيجابية في الاحتفالات.

ومن ثمّ يأتي دور وزارة التربية والتعليم بنشر التوعية حول الأساليب الإيجابية السليمة في الاحتفال، وتعليم الطلّاب ضرورة الحرص على الممتلكات العامّة وعدم التعدي على حرّية الآخرين، إضافة إلى تنظيم الزيارات الميدانية إلى معالم أثرية وتاريخية مهمّة في الدولة مثل القصر الأحمر ومتحف «كي لا ننسى» و«بيت القرين»، لتعريف الطلبة ببطولات آبائهم ودورهم في التصدي ومواجهة العدوان.

كما أنّ التعاون بين اللجان القائمة على إدارة شؤون الاحتفالات والهيئات الشبابية مهم جدّاً بهدف تعديل النمط الاحتفالي، كتنظيم مجموعة من الأنشطة والمسابقات الرياضية الهادفة، وتوزيع الحلوى الشعبية الكويتية على المارة، خصوصاً زوّار البلاد حتى يتعرّفوا عليها، وتخصيص أماكن للمشاركين في اللهو على أن يقوم المشاركون وأولياء أُمورهم في نهاية الاحتفال بتنظيف المكان، لتنمية حسّ المسؤولية وحبّ العمل التطوعي في نفوس أبنائهم.

لنتشارك جميعاً مسؤوليتنا الوطنية حتى يكون هلا فبراير هذه السنة.. غير.

ارسال التعليق

Top